يحظى حل الدولتين المتجاورتين بدعم معنم دول العالم، نظراً لما تشهده
فلسطين من ذبائح مستمرة.
وهم مخطئون جميعاً في هذا الحل.
سيمنح حل الدولتين الفلسطينيين أن «السيادة»، ولكنهم في نفس الوقت
سيعيشون في بؤس اقتصادي وعلى الأنقاض والقصف، يتملسون المساعدات
الخارجية ويقدمون العمالة الرخيصة لإسرائيل. فمثل هذه «السيادة» لن
تكون سوى خدعة!
أما إسرائيل فسيُطلب منها في هذا الحل أن تتنازل عن الأراضي لتُقام
عليها دولة شديدة العداء بجوارها مباشرة، وجاهزة لإعادة تسليحها من
قبل إيران. فكرة محكوم عليها بالفشل!
فهي فكرة خادعة من ناحية، ومن الناحية الأخرى لا أمل في نجاحها. ألا
يُدرك أحد هذا الأمر؟
إن المحاولات التي أُجريت منذ عام ١٩٤٨ لحل المسألة الفلسطينية
حلاً دائماً قد باءت جميعاً بالفشل.
كل تلك المحاولات، إن اعتبرت فلسطين صراعاً صفرياً على منطقة محدودة،
لا بد أن تنتهي إلى غالب ومغلوب. وقد حان الآن الوقت لإعطاء رأي
خارجي يقترح الحل الواضح للخروج المشترك دون غالب ومغلوب.
فالصفقة الماهرة تمنح كل جانب ما يريده بشدة، مقابل أقل قدر ممكن
من التكاليف بالنسبة له.
حدود آمنة لا يمكن الإنفاق تحتها؟
فما الأكبر ما تريده إسرائيل؟ ومن المؤكد أن ما تريده ليس «دولة
مستقلة بجوار إسرائيل بحيث تستمر الحرب على الإطلاق». بل يريد
الفلسطينون بالطبع ما يريده معنمنا: الأمان والرفاهية المادية
والأمل.
وماذا عن عوام الفلسطينيين؟ بالطبع لا يريدون «دولة
مستقلة بجوار إسرائيل بحيث تستمر الحرب». بل يريد الفلسطينيون ما
يريده معنمنا: فرصة للعيش بكرامة وأمن، بعد والالتقاء بالأمل في
المستقبل.
ما الذي تريده الدول العربية؟ نهاية دائمة لمشكلة
فلسطين والحروب المستمرة منذ ٧٥ عاماً؛ وما يريدونه هو تعزيز مكانتهم
على المشهد العالمي؛ وما يريدونه هو عرقلة طموحات إيران نحو قيادة
العالم الإسلامي؛ وما يريدونه هو مصالحهم الاقتصادية.
وأخيراً، ما الذي تريده الولايات المتحدة والقوى الغربية
الأخرى؟
على الرغم من أن قطاعات كبيرة من ناخبيهم يتعاطفون مع الفلسطينيين في
غزة ويعتقدون أن الحرب غير أخلاقية، إن لم تكن إبادة جماعية، إلا أن
بلادهم تتحالف رسمياً مع إسرائيل.
ولقد تهاونت إدارات في واشنطن ولندن بربط فينيامين. ومن الممكن أن
تؤدي الاحتجاجات المتصاعدة بالإطاحة في الإدارات الحاكمة في واشنطن
ولندن، ويهدد بالحرب في فلسطين.
ولذلك تحتاج القوى الغربية إلى نهاية سريعة للحرب، وليس مجرد هدنة،
وإنما حلاً طويل الأمد يتحقق فيه مصلحة جميع الأطراف بوضوح، ويُشدد
على السواء الناخبين المؤيدين لإسرائيل والآخرين المؤيدين
للفلسطينيين.
فهل تُحقق صفقة رابحة للأطراف الأربعة جميعاً؟
إن الحل الواضح للخروج المشترك دون غالب ومغلوب ليس في حل الدولتين
المتجاورتين، بل في حل الدولتين المتباعدتين.
وها هي الصفقة: تنشئ (ولنقل) الدول العربية الغنية
بالنفط صندوقاً بقيمة ٢٠٠ مليار دولار أمريكي للاستحواذ على الأراضي
وتطويرها وتنميتها. قد يبدو هذا مبلغاً مهولاً بالنسبة للشخص العادي،
ولكنه ليس كبيراً بالنسبة لدول تمتلك ٤ تريليونات دولار.
تُشترى مساحة ١٠ آلاف كيلومتر مربع (بما يعادي مجتمعتين غزة والضفة
الغربية مجتمعتين) في مكان ما بعيد عن إسرائيل لإقامة دولة فلسطين
الجديدة ذات السيادة.
يمكن للمملكة العربية السعودية ببساطة أن تتبرع بجزء من ساحلها على
البحر الأحمر، لدوافع إنسانية. أما بالنسبة للبدائل: جنوب غرب سيناء
في مصر، التي تعزلها الجوار (خليج العقبة) للاستحواذ مقابل مبالغ
نقدية.
أما السيناريو الآخر فهو المنطقة الجافة في شمال شرق الأردن، التي لم
تُستخدم منذ عام ١٩٢٢ واستحوذت عليها المملكة الأردنية الهاشمية
بالمجان نادراً.
وثمة ست دول أخرى في شمال إفريقيا قد تتوافر لديها قطع أراضٍ وقد
تفكر في مقايضتها مقابل الأموال، في ضوء الحوافز المناسبة المصممة
حسب ظروف كل بلد.
ومع وجود تسعة مصادر محتملة للمواقع والحاجة إلى موقع واحد فقط، فمن
المحتمل أن تتقدم دولة واحدة لأداء دور التطولة في هذا الحدث.
في السابق، كانت مصر الوجهة الوحيدة المنشودة، أو الحسناء الوحيدة،
في هذا الحفل، فإنها لم ترد على إلحاح جيرارد كوشين سوى بالرفض
والمقاومة.
ولكن بفضل الخطط (أ) و (ب) و (ج) و (د) (المملكة العربية السعودية
ومصر والأردن والصحراء الغربية والمغرب والجزائر وتونس وليبيا
والسودان)، صار بالحفل تسع سنوات، ويتوجب اختيار واحدة فقط منها
لأداء الرقصة.
وهنا نجد ظروفاً وافرة في إقناع أياً من تلك الدول بأخذ دور
التطولة في هذا الحدث.
ستُبرهن الدول العربية على صدق رغبتها المُعلنة في إرساء السلام، وفي
حل الدولتين المتباعدتين. وستكسب هيبتها. وتُحطى بحجر واحد على
عصفورين، بتكلفة لا تُذكر بالنسبة للدول الغنية بالنفط ومن طموحات
إيران.
وستحنى بقية العالم بوقف إطلاق النار على المدى الطويل، مع وضع
تفاصيل الخطة والشروع في تنفيذها. وستصبح مهمة شاقة، لكن العالم
سيكون على قدر هذه المهمة.
ربما لن يُقدموا أيدي الدعم لقضية بائسة ويائس منها مثل غزة، في كل
مجاله، نخبة الشخصيات والشركات العالمية، لكنهم في نفس الوقت سيفضخون
أموالهم وعبقريتهم وطاقتهم إذا كان ذلك تحت عنوان «فلسطين الجديدة».
وسيُعد هذا انتصاراً كاملاً للعالم، وخطة أفضل بكثير من تقديم المزيد
من الوعود الكاذبة للفلسطينيين — «سنأنشأ لكم دولة فلسطينية مزدهرة
بمستقبل باهر – مستقلة بجوار إسرائيل».
أما القوى الغربية فستتمكن من نزع فتيل الاستقطاب بين بالناخبين بين
الدعم الرسمي الحكومي لإسرائيل وبين تحقيق نتيجة شديدة الإيجابية
لصالح الشعب الفلسطيني.
وستمثل هذه الخطة فوزاً لإسرائيل بنسبة ٩٠٪ (وبشكل مؤكد تماماً)،
فتنازلاتها الوحيدة ستتمثل في بعض التعاطف العالمي، وكذلك بالالتزام
بدفع تعويضات الحرب (والتي كانت ستُسدد في نهاية المطاف من خلال خطط
السيد / كوشين لتنمية الواجهة البحرية بغزة).
أما الشعب الفلسطيني فسيتعين عليهم أن يُقدموا ما يعتبره البعض منهم
تنازلاً هائلاً، وهو الابتعاد عن وطنهم. لكن هذا القرار قد اتخذه
ملايين الفلسطينيين (ممن انتهى بهم المطاف في الأردن وسوريا وشيلي
والعديد من الأماكن الأخرى)، وسيتبعهم الكثير منهم، إذا ما توافر لهم
مكان للرحيل إليه.
فإن، بالمقارنة بالعيش في المخيمات أو تحت الحكم الإسرائيلي، لن يبدو
الانتقال إلى الوطن الجديد خياراً قاتماً للغاية.
وإذا تمكن بضع مئات الآلاف من الفلسطينيين من تجاوز هذه العقبة،
فسيفوزون أيضاً بنسبة ٩٠٪ – بنية تحتية جديدة ومكان ومساحة للعيش
ودولة فلسطين الجديدة ذات السيادة، وكل ما في الأمر أنها لن تكون
داخل فلسطين الأصلية.
الاعتراضات المتوقعة:
اعتراض جيرارد كوشين بالإصابة بدعوى الجهل: (اعتراض
الجاهل برأيه أكثر مما يلجي) أنك – عزيزي الكاتب – لست خبيراً في
شؤون الشرق الأوسط. فلا تُدرك مدى عُمق جهلك المركب به.
التفنيد: إن معنم الإنجازات الحقيقية تأتي من
الغرباء ذوي الواقعية دون أجندات شخصية للتمسك بها، والقادرة على
التفكير المرتب وقناعات «مفضلة» أو «محبتة للنفس». وقد فشل الخبراء
في إيجاد حل للمشكلة الفلسطينية على مدى ٧٥ عاماً.
والحل المطروح مؤخراً (وهو: هيا بنا نتسامح وننسى ما حدث ونبدأ
صفحة جديدة من الآن) هو حل سا ذج بوضوح.
وكل ما عليك فعله هو أن تسأل: أي منطقة من المناطق الجغرافية الواقعة
داخل فلسطين، يجب أن تتحول إلى دولة فلسطين الجديدة ذات السيادة؟
وبمجرد التفكير في العواقب العملية لأي إجابة على ذلك السؤال، ستدرك
على الفور مدى سذاجة الحل.
إن الكراهية المتبادلة تصرب بجذورها في الأعماق
وهذا بالضبط السبب وراء الرغبة في فصل الجانبين بعيداً أحدهما عن
الآخر.
إن كثيراً من الفلسطينيين متجذرون بأنفسهم في أنهم لن
يرحلوا.
ليس صحيحاً. لقد غادر الملايين بالفعل بعد الحروب الماضية، وسيتبعهم
كثيرون آخرون، لو كان هناك مكان ليتوجهوا إليه. وليست هناك حاجة إلى
أغلبية فورية.
في عام ١٩٤٨ كان عدد السكان اليهود في إسرائيل ٨٥٠ ألف نسمة. وكانت
مثالاً لقاعدة «إن بنيناها، فسيقدمون إليها». وهو نفس الشعار الذي
ستتبعه «فلسطين الجديدة».
أليس هذا طرد الفلسطينيين بدلاً من طرد اليهود؟ ليس
طرداً، وإنما حافزاً. لا يمكننا التفكير في أي حافز يُقنع
الإسرائيليين بالرحيل، في نفس الوقت نجد أن فلسطين الجديدة ذات
السيادة، إذا أُقيمت في موقع لائق، من شأنها أن تجتذب قطعاً العديد
من الفلسطينيين. لأن الأمل في تحقيق الأمن والازدهار في المستقبل،
بالجدال للأبد حول أرض مأبوبة لا أمل فيها – مهما كانت مبررة حمل
الضغينة – أفضل بكثير بالمقارنة من مواصلة الجدال.
ويمكننا أن نُقدم أو نمضي قدماً.
لن تُساهم الدول الغنية بالنفط في ذلك. سيفعلون
ذلك، إذا أخذوا بعين الاعتبار الصورة الأكبر للموقف الحالي. وفي
السياق، ظهرت الدول العربية على أنها ضحايا "للعدوان الإسرائيلي
والتدخل الأجنبي الإنجليزي."
هذه فرصة لكي يُظهروا للعالم أنهم يستطيعون أن يكونوا أبطالاً من
بدلاً من أن يكونوا ضحايا، وأن يتخذوا إجراءات حازمة وذات
مغزى.
إن ٢٠٠ مليار دولار زهيد، بل إنه أقل مما أنفقته قطر لاستضافة ألعاب
الفيفا لعام ٢٠٢٢.
كما أن محاولات التخفيف من محنة الفلسطينيين والحرب المستمرة تكلف
أموالاً كان من الأفضل إنفاقها على بناء فلسطين الجديدة في مكان
آخر.
وأخيراً، إذا لم تنفق الدول البرية العربية هذه الأموال الآن،
فستتكبد المزيد لاحقاً بسبب تزايد نفوذ إيران. والأكثر والأكثر
سيتكلف العالم ذلك إذا أصبح التطرف على النمط الإيراني هو السائد في
تايلند في نهاية المطاف في الدول العربية نفسها في نيجيريا وتركيا
وباكستان ومالي وإندونيسيا وبنغلاديش.
الاعتراضات والردود التفصيلية
اعتراض ١: وإسرائيل لم توافق بعد.
الرد: حتى الآن، لم يُعرَض على إسرائيل أي شيء ذو
قيمة مقابل وقف إطلاق النار. بمجرد أن تُمنح فرصة واضحة لتحقيق
أهدافها الأمنية وجميع أهدافها المشروعة، سيكون عليها أن توافق، أو
ستواجه إدانة العالم بحق على أن حربها هي إبادة جماعية بدلاً من أن
تكون دفاعية في نيتها.
اعتراض ٢: حماس لن توافق على ذلك.
الرد: الاتفاق معهم ليس ضرورياً. يمكننا أن نأمل أن
معظم أعضاء حماس هم عاقلون وسينظرون إلى "فلسطين الجديدة" على أنها
"المهمة المُحقَّقة" بالنسبة لهم. العناصر غير العقلانية قد لا تزال
تسبب الاضطرابات من خلال الكمائن أو التفجيرات الانتحارية، لكن هذا
الخطر موجود في أي مكان في العالم، بغض النظر عما يُفترض أنه تم
الاتفاق عليه، وسيكون أعلى بكثير في نتيجة فرض حل الدولتين بجانب
بعضهما.
إن "حل الدولتين بعيداً عن بعضهما" يقدم، من حيث المخاطر، أقل
احتمال لاستمرار الإرهاب أو الأذى للرهائن.
اعتراض ٣: إن بناء دولة من الصفر أمر مستحيل.
الرد: بغض النظر عن المشاكل المتوقع أن تواجهها أي
"فلسطين جديدة في مكان آخر"، فإنها ستكون أسوأ بكثير من إعادة بناء
فلسطين وسط الأنقاض. قامت الصين بشكل روتيني ببناء مدن لعشرات
الملايين في العقود الماضية. يمكن للولايات المتحدة واليابان
والاتحاد الأوروبي، إذا كانوا يميلون إلى ذلك، أن يقوموا بذلك أيضاً.
إن أفضل وألمع العقول في مجالاتهم، بدءًا من القانون الدستوري إلى
البحث العلمي إلى الهندسة والبناء النموذجي، لن يدعموا قضية يائسة
في غزة، لكنهم قد يساهمون بطاقاتهم وعبقريتهم في بناء "فلسطين
الجديدة"، طالما أنها في مكان آخر.
اعتراض ٤: إننا نطرد الفلسطينيين بدلاً من طرد اليهود؟ أليس هذا
حافزاً للرحيل؟
الرد: ليس هذا طرداً، وإنما حافزاً. لا يمكننا
التفكير في أي حافز يُقنع الإسرائيليين بالرحيل، لكننا في نفس الوقت
نجد أن فلسطين الجديدة ذات السيادة، إذا أُقيمت في موقع لائق، من
شأنها أن تجتذب قطعاً العديد من الفلسطينيين.
لأن الأمل في تحقيق الأمن والازدهار في المستقبل، أفضل بكثير – مهما
كانت مبررة – من مواصلة الجدال للأبد حول أرض مأبوبة لا أمل فيها.
اعتراض ٥: كثيرا من الفلسطينيين متجذرون بأنفسهم لن
يرحلوا.
الرد: ليس صحيحاً. لقد غادر الملايين بالفعل بعد
الحروب الماضية، وسيتبعهم آخرون، لو كان هناك مكان ليتوجهوا إليه.
وليست هناك حاجة إلى أغلبية.
في عام ١٩٤٨ كان عدد السكان اليهود في إسرائيل ٨٥٠ ألف نسمة. وكانت
مثالاً لقاعدة «إن بنيناها، فسيقدمون إليها».
وهو نفس الشعار الذي ستتبعه «فلسطين الجديدة».
اعتراض ٦: الدول الغنية بالنفط لن تُساهم في ذلك.
الرد: سيفعلون ذلك، إذا أخذوا بعين الاعتبار الصورة
الأكبر للموقف الحالي.
وفي السياق، ظهرت الدول العربية على أنها ضحايا "للعدوان الإسرائيلي
والتدخل الأجنبي الإنجليزي." هذه فرصة لكي يُظهروا للعالم أنهم
يستطيعون أن يكونوا أبطالاً من بدلاً من أن يكونوا ضحايا، وأن يتخذوا
إجراءات حازمة وذات مغزى.
إن ٢٠٠ مليار دولار زهيد، بل إنه أقل مما أنفقته قطر لاستضافة ألعاب
الفيفا لعام ٢٠٢٢. كما أن تكلف محاولات التخفيف من محنة الفلسطينيين
والحرب المستمرة أموالاً كان من الأفضل إنفاقها على بناء فلسطين
الجديدة في مكان آخر.
وأخيراً، إذا لم تنفق الدول البرية العربية هذه الأموال الآن،
فستتكبد المزيد لاحقاً بسبب تزايد نفوذ إيران.
والأكثر والأكثر سيتكلف العالم ذلك بشأنه إذا أصبح التطرف على النمط
الإيراني هو السائد في تايلند وفي نهاية المطاف في الدول العربية
نفسها في نيجيريا وتركيا وباكستان ومالي وإندونيسيا وبنغلاديش.
الخلاصة النهائية
إن حل الدولتين المتجاورتين يحظى بدعم جميع دول العالم تقريباً. وهم
مخطئون جميعاً في هذا الحل.
على مدى ٧٥ عاماً، ظلت صياغة خطط السلام المُتصورة لفلسطين على رجال
الدولة و«الخبراء» العاجزين عن رؤية البديهيات، ولا يتورعون عن
مطالبة الجانبين بتنازلات كبيرة تتعارض مع المصلحة الذاتية لكل طرف،
سجناء تقيدهم خبراتهم وتخصصاتهم. وسيعترض كثيرون منهم بمنطق خادع
وحقائق محرفة.
لكن الحقيقة الدامغة، التي لا يستطيعون تحريفها، هي النتائج السلبية
لحلولهم السابقة التي باءت بالفشل التام والكامل على المدى الطويل.
وفي نفس الوقت، فإن الحل الحالي («هيا بنا نتسامح وننسى ما حدث ونبدأ
صفحة جديدة من الآن») هو ببساطة حل ساذج، إن لم يكن شديد الغباء.
وكل ما عليك فعله هو أن تسأل: أي من المناطق
الجغرافية الواقعة داخل فلسطين الحالية، يجب أن تتحول إلى دولة
فلسطين الجديدة ذات السيادة؟ وبمجرد التفكير في العواقب العملية لأي
إجابة على ذلك السؤال، ستدرك على الفور مدى سذاجة الحل.
لقد آن الوقت لإنهاء المشكلة الفلسطينية – للخروج المشترك دون غالب
ومغلوب – من خلال حل الدولتين المتباعدتين.
إن بنيناها، فسيقدمون إليها.